قلت: وما تقول فيما قال
المفسرون من قوله تعالى:﴿ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ
وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ
اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ (يوسف:67)، فقد أطبق
المفسرون على اعتبار نهيه إياهم عن الدخول من باب واحد من باب الخوف من العين.
قال: لا ينافي ذلك ما
ذكرنا، لأنه لا يحصل بدخولهم من أبواب متفرقة أي مضرة، فهم لم يكتموا أي نعمة.
زيادة على أن مراد يعقوب u هو الاحتياط الأمني لهم،
ذلك أن دخول هذه المجموعة إلى مصر والسير في شوارعها، قد يثير الحسد والبغضاء في
بعض النفوس الضعيفة فيسعون ضدّهم عند السلطان ويظهرونهم كمجموعة أجنبية تحاول
العبث بأمن البلد ونظامه، فحاول يعقوب u أن يجنبهم بنصيحته عن هذه المشاكل[1].
قلت: وما الخطر في هذا
النوع من الوقاية؟
قال: خطره أنه جر سلوكيات
كثيرة منحرفة في المجتمع، تقرب من التطير المنهي عنه، فلذلك كان الأولى منعه،
والاكتفاء بما ورد في النصوص الصحيحة من التعويذات.
فالنبي a لم يدسم نونة الحسن والحسين مع
جمالهما وكمالهما وكونهما من آل بيت النبوة، وإنما كان يعوذهما بقوله: (أعيذكما
بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة) ويقول: (هكذا كان إبراهيم
يعوذ اسحق واسماعيل عليهما السلام)[2]
وكان رسولُ اللهِ a إذا أوى إلى فراشِهِ نَفَثَ فى
كَفَّيْهِ:﴿ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ﴾ والمُعَوِّذَتَيْن. ثم يمسحُ
بهما وجهه، وما بلغت يدُه من جسده.
قلت له: مما ذكروه من
أساليب الوقاية من العين(الإحسان إلى من عرفت أصابته بالعين
[1] انظر: الأمثل، وهو قول
للجبائي، مع العلم أن الشيرازي لم ينف ما ذكره المفسرون من العين.