فيصرفه الله عنه فيظل
يتطير بقوله سبني فلان وأهانني فلان، وما هو إلا فضل الله عز جل)
قال: وقد نص القرآن الكريم
على تعدد هؤلاء الملائكة الحفظة وتعاقبهم على الإنسان، فقال تعالى: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ
خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ (الرعد:11) أي للعبد ملائكة يتعاقبون
عليه، حرس بالليل، وحرس بالنهار، يحفظونه من الأسواء والحادثات، كما يتعاقب ملائكة
آخرون لحفظ الأعمال من خير أو شر.
قلت: فالإنسان بهذا
الاعتبار محاط في كل وقت بأربعة ملائكة، اثنان عن اليمين والشمال، يكتبان الأعمال،
صاحب اليمين يكتب الحسنات، وصاحب الشمال يكتب السيئات، وملكان آخران يحفظانه
ويحرسانه، وأحد من ورائه وآخر من قدامه.
قال: بل روي أكثر من هذا العدد بكثير، فقد
قال رسول الله a: (وكل بالمؤمن ثلثمائة
وستون ملكا، يدفعون عنه ما لم يقدر عليه من ذلك، للبصر سبعة أملاك يذبون عنه كما
يذب عن قصعة العسل من الذباب في اليوم الصائف، وما لو بدا لكم لرأيتموه على كل سهل
وجبل، كلهم باسط يديه فاغر فاه، وما لو وكل العبد فيه إلى نفسه طرفة عين، لاختطفته
الشياطين)[1]
وقد روي من شدة حرص
الملائكة ـ عليهم السلام ـ على من يوكلان به إلى درجات أنهم لا ينصرفون عنه إلا
بعد الاطمئنان إلى تسليمه لمن يعقبهم من الملائكة ـ عليهم السلام ـ، قال أبو أمامة:
(ما من آدمي إلا ومعه ملك يذود عنه، حتى يسلمه للذي قدر له)
قلت: فصحبة الإنسان
للملائكة ـ عليهم السلام ـ دائمة؟
قال: أجل.. فقد قال a: (إن معكم من لا يفارقكم إلا عند
الخلاء وعند الجماع، فاستحيوهم وأكرموهم)[2]
قلت: ولكن كيف تقول هذا ـ
يا معلم ـ والإنسان قد تعتريه العوارض، وتنزل به الآفات،
[1] ابن أبي الدنيا في مكايد
الشيطان، والطبراني والصابوني في المائتين.