قال: أجل.. ولكن هذه
الأدواء من الغيب الذي لا نعلمه، وليس لدينا وسائل العلم به، زيادة على أن هذه
الأدوية الشرعية شاملة، وتقضي على مثل هذه الأدواء عرفناها أو لم نعرفها.
فسورة الفلق مثلا تجمع
أنواع الاستعاذات من العين والسحر وغيرها، وهي في ذلك تشبه دواء يقضي على مجموعة
كبيرة من الأمراض، فإذا ما جهل متناوله مرضا من الأمراض، أولم يعلم كونه مصابا به،
ثم تناول ذلك الدواء شفي منه بغض النظر عن علمه به أو جهله.
ولهذا من الأخطاء الكبيرة
التي وقع فيها هؤلاء الرقاة المشعوذون ـ الذين ابتليت الأمة والدين بهم ـ هو
احتكارهم لتشخيص هذه الأنواع من الأدواء، وكأن لديهم أجهزة خاصة تكشف هذه الأنواع
من العلل.
قلت: ولكن العامة لا يقبلون
منهم غير هذا.. بل إن العامي لا يثق بشفاء القرآن الكريم، إلا إذا أخبرته بأنه
معان أو مسحور أو تنهشه أحياء الغيب التي لا يراها.
قال: ولكن هذا العامي لا
يجسر عن سؤال الطبيب عن علته ليعرف كيف يتأقلم معها، بل يكتفي بتناول الدواء،
ولكنه مع الراقي الذي عوده أن يطلعه على أعداء الغيب لا يسمح له، بل لا تعظم قيمة
الراقي في عينه إلا إذا شخص له ذلك.
قلت: ولكن الراقي يتأيد بما
يقول العلماء، وقد سمعت أحدهم يقول جوابا لمن سأله عن تشخيص المرض من قبل الراقي: (معلوم
أن الراقي الذي تتكرر عليه الأحوال ويراجعه المصابون بالمس والسحر والعين ويعالج
كل مرض بما يناسبه أنه مع كثرة الممارسة يعرف أنواع الأمراض النفسية أو أكثرها
وذلك بالعلامات التي تتجلى مع التجارب، فيعرف المباشرة بتغير عينيه أو صفرة أو
حمرة في جسده أو نحو ذلك، ولا تحصل هذه المعرفة لكل القراء وقد يدعي المعرفة ولا
يوافق ذلك ما يقوله، لأنه يبني على الظن الغالب لا على اليقين)[1]
[1] الفتاوى الذهبية في
الرقية الشرعية – ص 20، 21، والمفتي هو الشيخ
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين.