فالرضى عن الله شامل لكل ما جاء عن الله تشريعا كان أم
قضاء، فلا فرق بينهما، فكلاهما مقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
وقد قال تعالى عن الأول:﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ
وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ
ضَلالاً مُبِيناً﴾ (الأحزاب:36)
وقال عن الثاني: ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي
رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾ (الأنعام:164)، وقال في أول السورة: ﴿قُلْ
أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ
يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ
وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (الأنعام:14) أي معبودا وناصرا
ومعينا وملجأ وهو من الموالاة التي تتضمن الحب والطاعة.
قلت: لقد ورد في السنة ما يدل على هذه اللذة التي يجدها
الراضي، فقد قال a:
(إن اللّه بحكمته
وجلاله جعل الروح[1] والفرح في الرضا واليقين وجعل
الهم والحزن في الشك والسخط)[2]
فأول جزاء للراضي عن الله أن يرضى الله عنه ويرضيه، فإذا
أرضاه رزقه من السعادة والسرور ما يهون أمامه كل ألم.. والرضا عن الله علاج يرسم
الابتسامة بدل الأنين، فينشغل الراضي بفضل الله وأوصاف الله عما ألم به.
قال: وقد ورد في الأثر الإلهي: (أنا الله لا إله إلا أنا
قدرت المقادير ودبرت التدابير وأحكمت الصنع فمن رضي فله الرضا مني حتى يلقانى، ومن
سخط فله السخط حتى يلقاني)