يصيبه، وأنه أمر لا مفر منه، ولا مهرب منه لأن الله قد
كتبه في الأزل؛ فإن نفسه تهدأ، وقلبه يسكن، ويكون هذا بداية ومقدمة للسكون لمقادير
الله.
قال صوت آخر: لا تعترض.. فأنت تجمع الجهل بأشكاله
وألوانه.. تجهل نفسك ومصيرك، وعواقب أمورك، أما سيدك الذي يدبر أمرك، فعلام الغيب:﴿
يَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا
يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ
إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ (الأنعام:59)
وقال آخر: لا تعترض.. فإن ما تراه مما تكرهه رحمة من رحمات
الله، ولطف من خفي ألطافه ساقه إليك في ثوب ما تكره ليمتحن عبوديتك، ويملأ قلبك
بحسن الظن به:
رب أمر تتقيه جر
أمرا ترتضيه
خفي المحبوب منه وبدا
المكروه فيه
قلت: هذا صحيح، وقد قال تعالى:﴿ وَعَسَى أَنْ
تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ
شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة:216)،
وقال: ﴿، فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ
فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً﴾
(النساء:19)
وقال آخر: لا تعترض.. فإن كل مقادير الله خير لك إن
استقبلتها ببصيرة الإيمان.
قلت: هذا صحيح، فقد قال a: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره
كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر وكان خير له إن أصابته ضراء
صبر فكان خيرا له)[1]
وقال آخر: لا تعترض.. وكن كذلك العبد الصالح الذي لم تغره
مباهج جنة صاحبه، وقال في ثقة المؤمن:﴿ عَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ
خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاءِ
فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً﴾ (الكهف:40)