قال: الله تعالى يبتلي خلقه بأصناف البلاء ليميز المحق من
المبطل، والطيب من الخبيث.
قلت: فما سر ذلك؟
قال: الله تعالى بحكمته جعل هذه الدار محلا لاختبار عباده،
لينزل كل واحد منهم ـ في النشأة الآخرة ـ المحل الذي ينسجم مع طبيعته، وتبرزه
أهليته، فلذلك كانت هذه الدار هي دار التمييز التي يتميز فيها المحسن من المفسد،
والراضي من الساخط[2].
قلت: ولكن الله يعلم بأحوال عباده محسنهم ومسيئهم، وراضيهم
وساخطهم.
[1] هذه التعبيرات وأشباهها
في القرآن الكريم لا تعني عدم علم الله بالشيء قبل حصوله، وإنما تعني تحققه
الواقعي، ويشبه هذا ـ كما يذكر الشيرازي ـ علم المهندس بكل تفاصيل البناء عند وضعه
التصميم. ثم يتحول التصميم الى بـنـاء عـملي. والمهندس يقول حين ينفذ تصميمه على الارض:
اريد ان ارى عمليا ما كان في علمي نـظـريـا.. وقد فصلنا الحديث عن هذه الشبهة في
رسالة:(أسرار الأقدار)
[2] وهذا كما ينص عليه قوله تعالى:) لِيَمِيزَ اللَّهُ
الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ
فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ
الْخَاسِرُونَ﴾ (لأنفال:37)