لم أستفق من الدهشة
التي ملأتني بها بركات الهندباء حتى نادتني المريمية[1] برائحتها العطرة، وشكلها الجميل، فأجبتها: من
تقصدين؟
قالت: وهل هناك في
الحقل غيرك؟
قلت: لقد امتلأت
ببركات الهندباء.
قالت: فتعال لتشملك
بركاتي.. وتغمرك منافعي.. فالله تعالى الجواد الكريم وزع جوده في خلقه.. فلا ترى
من شيء إلا يدل عليه.
قلت: أراك من
العارفين.
قالت: وما لي لا
أكون كذلك.. وقد تشرفت من بين أخواتي بحمل اسم الطاهرة العذراء البتول مريم ـ
عليها السلام ـ فإن لم يكن لي غير اسمها لكفاني فخرا وتيها.
قلت: نعم.. وقد كان
من أسباب إعجابي بك وحبي لك حملك هذا الاسم.. فالله يعلم كم يكن قلبي لتلك المرأة
التي بزت الرجال وزاحمت الأبطال، وصارت مثلا أعلى للأولياء، وأسوة حسنة للأصفياء.
قالت: فنحن مشتركان
في حبها، أخوان في الرضاعة من لبان فضلها.
قلت: فقد عقدت بيننا
عقد الأخوة.. فأسسيه على المعرفة.. فلا أخوة بلا معرفة، وقد قال a:(إذا آخى الرجل الرجل، فليسأله عن اسمه واسم أبيه وممن هو،
فإنه أوصل للمودة)[2]
[1] المربمية sage هي نبات عشبي معمر صغير، ويعرف علميا باسم salvia officinalis من الفصيلة الشفوية، التي تضم الريحان والنعناع والحبق والزعتر.
وهي
من أشهر وأقدم النباتات التي تستخدم في الطب القديم والحديث، وتشتهر بها بلدان حوض
البحر الأبيض المتوسط.
وهي
تحتوي على زيوت طيارة وفلافونيدات وأحماض فينولية ومواد عفصية، والمادة الفعالة
تعود إلى مركبات الزيت الطيار.