وهكذا في كل شيء نوع
الكفايات.. وغطى الحاجات.. وأغاث في جميع الأحوال والأوقات.. فلذلك لا يستحيل أن
ينزل مع كل داء دواءه، بل أدويته.. بل ذلك من آثار رحمته التي وسعت كل شيء.. وآثار
فضله الذي غمر كل شيء.
بينما أنا كذلك، وقد
امتلأت بهذه القناعة الجميلة، إذ جاءني المكلف بهذا القسم، وقال: هذا ما قصدنا من
تجوالك بين الأطباء.. فلم نقصد أن تتعلم وصفات تعالج بها المرضى.. أو تفتح حانوت
عطار.. فذلك لأهل الاختصاص من الأطباء.. ولكنا قصدنا أن تغمرك بالقناعة بأن الله
الذي أنزل الداء أنزل الدواء.. وأن البشر هم الذين قصروا في البحث عنه وتناوله.
قلت: لقد اقتنعت
بهذا.. فهل تريد إقناعي بشيء آخر، قبل أن أخرج من هذا القسم؟
قال: أجل.. لا بد أن
نمر على دستور الأطباء..
قلت: لم؟
قال: لأن من الخلق
من أساء التعامل مع هذا النوع من الدواء، فراح يجعل من خلق الله فئران يجرب عليها
بضاعته، فيقتلهم، ويدمر صحتهم.
قلت: لقد ذكرتني
بنفر من قومي..
قال: تقصد الرقاة
الذين راحوا يداوون بالأعشاب من غير أن يعرفوا أسرارها.. أو يتخصصوا فيها.
قلت: أجل.. وهم
يغالون كثيرا في بيعها.. فتجد أحدهم يبيع بعض الأعشاب المخلوطة بالعسل بالأموال
الكثيرة التي تنفر الناس من الأعشاب.. وتلجئهم إلى الكيميائيات.
قال: أولئك هم
الجهلة الذين يعبثون ببنيان الله.. فلا تحزن عليهم..
قلت: أنا لا أحزن
عليهم.. بل أحزن على من يأتيهم.
قال: لهذا وضع هذا
المستشفى دستور الأطباء حتى يحفظ لهذه الصناعة أهلها،