ولهذا
ورد التعبير القرآني عن تعاقب الليل والنهار بصيغة التقليب، قال تعالى:﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾ (النور:44) وهذا التقليب لا يبصره إلا
من رفع الغشاوة التي تقصر بصره على ما يتوهمه.
وبمثل
ذلك يتحدث القرآن الكريم عن جميع المظاهر التي ينسبها الجاحدون والغافلون للطبيعة،
فالرياح لا تهب، وإنما ترسل.
وقد
كرر تعالى هذا المعنى في آيات كثيرة، قال تعالى:﴿ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ
رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ
فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ
نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ (لأعراف:57)
فالآية
ترجع الأمر لله في كل شيء، فنلاحظ هذه التعابير التي يتيه عنها الماديون:
(يُرْسِلُ، سُقْنَاهُ، فَأَنْزَلْنَا، فَأَخْرَجْنَا..) وكلها تشير إلى تدبير الله
للكليات والجزئيات.
وبمثل
ذلك جاء تعبير ( فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ) بدل تعبير ( فشربتم) في قوله تعالى:﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ
مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ (الحجر:22)
وبمثل
ذلك جاء تعبير ( فَأَحْيَيْنَا) بدل ( حيت) في قوله تعالى:﴿ وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً
فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا
كَذَلِكَ النُّشُورُ﴾ (فاطر:9)