لم
تنظر إلى غيره، بل كان منه خوفك وإليه رجاؤك وبه ثقتك وعليه اتكالك، فإنه الفاعل
على الانفراد دون غيره، وما سواه مسخرون لا استقلال لهم بتحريك ذرّة من ملكوت
السموات والأرض، وإذا انفتحت لك أبواب المكاشفة اتضح لك هذا اتضاحاً أتم من
المشاهدة بالبصر)[1]
وهذه
المعارف إذا انصبغ بها كيان الإنسان وتوحد قلبه عند النظر للكون أو التعامل معه هو
الكفيل الوحيد بتحقيق الراحة والسعادة والطمأنينة.
لأن
مصدر القلق والاضطراب هو الشتات الذي يحصل في الإنسان نتيجة رؤية الأشياء قائمة
بذاتها، فتتوزع في نفسه الرغبة منها أو الرهبة، وهي متناقضة مختلفة، فيحصل فيه من
التناقض بحسبما في الأشياء من تناقض.
أما
إذا رآها جميعا بيد الله، فإن قلبه يتوحد مع الله.
ومن
نتائج هذه النظرة السامية: اللجوء إلى الله لا إلى الكون، وطلب الأشياء من الله لا
من الأشياء، فالله هو المتصرف لا الأشياء.
ومن
الحماقة أن نترك الآمر ونتوجه إلى المأمور، وقد ذكر الغزالي مثالا يبين تهافت
الذين ينسبون الأشياء إلى ما يتوهمونه، ثم يلجؤون إليه بضراعة والرجاء بقوله:(
فالتفات العبد في النجاة إلى الريح يضاهي التفات من أخذ لتحز رقبته فكتب الملك
توقيعاً بالعفو عنه وتخليته، فأخذ يشتغل بذكر الحبر والكاغد والقلم الذي به كتب
التوقيع يقول: لولا القلم لما تخلصت، فيرى نجاته من القلم لا من