والقرآن
الكريم ـ لينفي هذه الشبهة، ويرفع هذا الالتباس ـ لا يتكلف كلاما عقليا جافا
كالكلام الذي يتعمده الفلاسفة، بل يكتفي بأمرنا برفع أبصارنا وحواسنا للنظر إلى
الأرض الخاشعة كيف تتحول بالماء الرباني إلى جنة من جنان الحياة، قال تعالى:﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى
الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ
إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ﴾ (فصلت:39)، وقال تعالى:﴿ وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ
بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ (الزخرف:11)، وقال تعالى:﴿ وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً
فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا
كَذَلِكَ النُّشُورُ﴾ (فاطر:9)
أو
يرشدهم إلى استعادة تذكر ما سبق من النشأة الأولى، قال تعالى:﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ
خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ (يّـس:79)
ويخاطب
الذين قالوا ـ مغترين بما لديهم من المعارف ـ:﴿ أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً
وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً ﴾ (الاسراء: 49)،
بأمرهم بأن يتحولوا إلى أي شيء شاءوا مما يتعتقدون قوته:﴿ قُل كُونُواْ
حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ
﴾(الاسراء: 50-51)، فإذا بقيت حيرتهم حينها ويقولون:﴿ مَن
يُعِيدُنَا ﴾، فإن الجواب القرآني يكتفي بتذكيرهم بالنظر إلى مبدأ خلقهم،
قال تعالى:﴿ قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾
وحينذاك
يبدل هؤلاء الغافلون عن كنوز المعارف المخبأة في السموات والأرض الموضوع، فيسألون
عن موعد ما لا يؤمنون به،وكأن عدم تحديد الموعد