ولهذا، فإن أول نور من
أنوار الهداية هو الله، فالله هو النور الذي يستدل به، ولا يحتاج للاستدلال عليه.
ولهذا يقول العارفون في
مناجاتهم:( إلـهي! كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك؟ أيكون لغيرك من
الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك؟ متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك؟
ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟)
ويرددون مع أبي الحسن
الشاذلي:( كيف يعرف بالمعارف من به عرفت المعارف؟ أم كيف يعرف بشيء من سبق وجوده
وجود كل شيء)
والله هو الظاهر الذي
لا تحجبه الأشياء، و( كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي أظهر كل
شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر بكل شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو
الذي ظهر في كل شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر لكل شيء؟ كيف يتصور أن
يحجبه شيء وهو الظاهر قبل وجود كل شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو أظهر من كل
شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الواحد الذي ليس معه شيء؟)
فهذا النور من أنوار
الهداية كاف واحده لإضاءة جميع ظلمات الكون، وكاف وحده لخرق جميع حجب الغفلة،
ولحرق جميع عصابات الغواية.
أكوان الله:
ولذلك يجعل القرآن
الكريم الكون جميعا هاديا إلى الله ومعرفا بالله، ويدعو الخلق الغارقين في أو حال
الجدل إلى إغلاق أسفارهم التي تبحث عن وجود الله لينظروا:﴿ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ
وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ﴾ (الغاشية:17ـ 20)
والله تعالى يخاطب
العقول جميعا التي يتفق البشر جميعا على أن لهم منها النصيب