أرحم الراحمين
بطاعته باقتحامهم النار كيف لا يكون في وسعهم وهو إنما يأمرهم بذلك لمصلحتهم
ومنفعتهم)[1]
بل إن اقتحامهم
النار المفضية بهم إلى النجاة لا تختلف عن الكي الذي يحسم الداء، أو هي بمنزلة
تناول الداء الكريه الذي يعقب العافية.
فليس أمرهم بدخول النار
من باب العقوبة في شيء، لأن ( الله تعالى اقتضت حكمته وحمده وغناه ورحمته ألا يعذب
من لا ذنب له، بل يتعالى ويتقدس عن ذلك كما يتعالى عما يناقض صفات كماله، فالأمر
باقتحام النار للخلاص منها هو عين الحكمة والرحمة والمصلحة، حتى لو أنهم بادروا
إليها طوعا واختيارا ورضي حيث علموا أن مرضاته في ذلك قبل أن يأمرهم به لكان ذلك
عين صلاحهم وسبب نجاتهم، فلم يفعلوا ذلك ولم يمتثلوا أمره، وقد تيقنوا وعلموا أن فيه
رضاه وصلاحهم، بل هان عليهم أمره وعزت عليهم أنفسهم أن يبذلوا له منها هذا القدر
الذي أمرهم به رحمة وإحسانا لا عقوبة)[2]
2 ـ الميزان:
كما أن العدل سار في
جميع المكلفين، فلا يقدم أحدهم على غيره إلا بما كسبت يداه، فإن العدل كذلك سار في
الموازين التي توزن بها الأعمال، فلا يظلم أحد مثقال ذرة، قال تعالى:﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا
تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا
بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ (الانبياء:47)
وهذه الموازين
تعتمد على الأعمال التي أحصاها الله تعالى على عباده، فلم يغادر صغيرة ولا كبيرة،
قال تعالى في موعظة لقمان u لابنه:﴿ يَا
بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ