فالله تعالى خبير بموضعها لطيف بوضعها الموضع
المناسب لها.
وقال تعالى في تعليل إدراكه للأبصار، وعدم إدراكها
له:﴿ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ
يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾
(الأنعام:103)
فعدم إدراك العباد لله
معلل بلطف الله وخبرته، فالله لطيف بعباده رفيق بهم خبر ضعفهم عن إدراكه فحرمهم
منه في الدنيا لطفا ورفقا لا شحا وبخلا، فهو الكريم الجواد.
وقال تعالى عن لطفه المقترن بخبرته في النظام
والإبداع الذي زين به السماء والأرض:﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ (الحج:63)
وقال تعالى قارنا بين العلم والخبرة:﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ
السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي
نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (لقمان:34) فقد علل تعالى علمه بمستقبل الأشياء بعلمه بها وخبرته.
وقال تعالى مرجعا سر خلق البشر على هذه الصور
المختلفة إلى علم الله وخبرته:﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾
(الحجرات:13)
كما يرد في القرآن
الكريم الاقتران بين خبرة الله وبصره ليدل على علم الله المطلق بالأشياء وبصره
بها، قال تعالى:﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى
بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً﴾
(الاسراء:17)، وقال تعالى:﴿ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ
مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ (فاطر:31)
* * *
والقرآن الكريم ينقلنا
من العلم المجمل إلى العلم المفصل، ومن العلم النظري إلى