وقد روي للدلالة
على هذا المعنى عن يحيى بن أبي كثير قال: ركب رجل الحمار، فعثر به فقال: تعس
الحمار، فقال صاحب اليمين: ما هي حسنة أكتبها، وقال صاحب الشمال: ما هي من السيئات
فأكتبها، فأوحى الله إلى صاحب الشمال: ما ترك صاحب اليمين من شيء فاكتبه، فأثبت في
السيئات (تعس الحمار)
فهذا يدل على أن ما
ليس بحسنة هو سيئة، وإن كان لا يعاقب عليها، لأن بعض السيئات قد لا يعاقب عليها،
وقد تقع مكفرة باجتناب الكبائر، ولكنه صاحبها مع ذلك يكون قد خسر زمانه، حيث ذهبت
باطلا، فيحصل له بذلك حسرة في القيامة وأسف عليه، وهو عقوبة من العقوبات.
وقد روي للدلالة
على هذه الحسرة التي هي نوع من العقوبات النفسية قوله a:( ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن
مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة)[1]، وفي رواية أخرى:( ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله
فيه، ولم يصلوا على نبيهم a إلا كان عليهم ترة، فإن
شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم)، وفي رواية أخرى:) من قعد مقعدا لم يذكر الله فيه إلا
كان عليه من الله ترة ومن اضطجع مضطجعا لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة)
وعلى هذا التسجيل
الكامل لكل أعمال الإنسان في كل لحظة يدل قوله a:( ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها بخير إلا حسر
عندها يوم القيامة)[2]، فالتعبير بالساعة يدل على أن كل عمر الإنسان يعاد
عرضه عليه يوم القيامة بتفاصيله.
وهذا التسجيل ـ كما
تشير النصوص ـ لا يكتفي بظواهر الأعمال، بل يعبر منها إلى باطنها، والأحوال
الصادرة عنها، ويدل على ذلك قوله a في الحديث القدسي:( قال