آمنت بك وبنبيك
وبكتابك وصمت وصلّيت وتصدقت، ويثني بخير ما استطاع ـ قال ـ فيقال له ألا نبعث عليك
شاهدنا؟ ـ قال: فيفكر في نفسه من الذي يشهد عليه، فيختم على فيه، ويقال: لفخذه
انطقي ـ قال ـ فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان يعمل، وذلك المنافق، وذلك ليعذر من
نفسه، وذلك الذي يسخط اللّه تعالى عليه)[1]
وحينذاك يندم الجاحد
على جحوده، ويود لو أنه اعترف في البدء لعل ذلك أن يخفف عنه، وهذا هو وجه الجمع
بين قوله تعالى:﴿ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ
تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً﴾ (النساء:42)
والتي تفيد بأنهم يعترفون بجميع ما فعلوه ولا يكتمون منه شيئاً، وبين ما رأيناه من
صنوف الإنكار.
وقد روى سعيد بن جبير
قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فقال له:( سمعت اللّه عزّ وجل يقول ـ يعني أخباراً عن
المشركين يوم القيامة ـ إنهم قالوا:﴿ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا
مُشْرِكِينَ﴾ (الأنعام: 23)، وقال في الآية الأخرى:﴿ وَلا
يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً﴾ (النساء: 42)، فقال ابن عباس ( أما
قوله:﴿ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾، فإنهم لما
رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا أهل الإسلام، قالوا: تعالوا فلنجحد، فقالوا::﴿
وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ فختم اللّه على أفواههم
وتكلمت أيديهم وأرجلهم ﴿ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً﴾
(النساء: 42)[2]
الشفاعة:
وكما أن المحاكمة
العادلة تقتضي توفر المحامين الذين يدافعون عن المتهم، فإن الله تعالى بعدله نصب
المحامين الكثيرين من عباده، والذين سماهم الشفعاء.