ولهذا ورد بعد هذه
الآية الإخبار بأن هذا الابتلاء هو الذي يميز الخبيث من الطيب، ويميز بين الراغب
في الله، والراغب في المتاع الأدنى، قال تعالى:﴿ مَا كَانَ اللَّهُ
لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ
مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ
اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ
وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ (آل عمران:179)
ففي الآية الكريمة
إشارة إلى أن تعجيل الجزاء قد يؤثر في الابتلاء، ولذلك قال تعالى:﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ
لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ ﴾
ولهذا يرد في القرآن
الكريم الإخبار بأن الجزاء الحقيقي هو الجزاء المعد في الآخرة، قال تعالى مخبرا عن جزاء المؤمنين:﴿ وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ (الزخرف: 35)
وقد ورد هذا المعنى عقب ذكر زخارف الحياة الدنيا التي يتهافت عليها الغافلون.
وفي نفس الوقت ينهى
تعالى المؤمنين من الإعجاب بما أوتي الكفار من النعيم، قال تعالى:﴿ فَلا تُعْجِبْكَ
أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾
(التوبة:55)
ولهذا كان a ينبه إلى عدم الاغترار بهذه المظاهر التي يغتر بها الغافلون،
ويتصورون أنهم على أساسها بمكان من الله تعالى، فقد علل a تحريم الذهب والفضة بقوله:( لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا
تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة)[1]