السر الثاني للحكمة، والمترتب على الوحدانية، والذي تفهم به أسرار المقادير،
ويجتمع شتاتها، وينحل ما يتوهم منها من تناقض هو إدراك مالكية الله للأشياء، والتي
يترتبت عنها ملكيته عليها.
أما مالكية الله للأشياء فتعني أن كل شي في الكون من مخلوقات ملك لله تعالى.
وأما ملكية الله عليها، فهو تصرفه فيها، ونفوذ أمره في شؤونها الجبرية أو
الاختيارية.
ويدل على هذين المعنيين الاسمين الحسنين ( المالك
والملك)
وقد وردت القراءة بكليهما في أول سورة في القرآن
الكريم، فقرئ:﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾
(الفاتحة:4)،وقرئ:﴿ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾
(الفاتحة:4)
وقد تحدث المفسرون
في هذه الآية في التفاضل بين ( ملك)،و ( مالك)، وهو خطأ من جهات:
الأولى: أنه لا
تفاضل بين القراءات القرآنية، فكلها كلام الله تعالى، وإن جاز التفاضل فمبينه
الوحي لا الاجتهاد.
والثانية: أن أسماء
الله كلها حسنى، فلا يجوز المفاضلة بينها.
والثالثة: أن لكل
منهما دلالته الخاصة، فللمالك دلالة على حيازة الأشياء، وللملك دلالة على التحكم
فيها، وهذا التغاير بينهما يجعل من كل منهما اسما خاصا، خلافا لمن جعل أحدهما أعم
من الآخر.
وقد اجتمع هذا
الصنفان من الملك في قوله تعالى:﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ
يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً