ولهذا السر سخر
الله للإنسان جميع مخلوقاته لنفعه، كما قال تعالى:﴿ وَسَخَّرَ
لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾
(الجاثـية:13)،وفي الأثر
الإلهي:( يا ابن آدم خلقت الأشياء كلها من أجلك، وخلقتك من أجلي، فلا تشتغل بما هو
لك عمن أنت له)
مزيج الصالحين:
قد يقال بعد هذا:
نعم، إن كسب الإنسان هو الذي يحول الخير شرا والعافية بلاء، والجمال دمامة، ولكن
ما القول في أولئك الصالحين العارفين الذين يتربعون على عروش الولاية، والذين
يمتلئ كيانهم بجميع الأنوار، ولا يعرج منهم إلى ربهم إلا الحسنات المتلألئة
العظيمة، فكيف يجازون بالبلاء الذي تنهد له الجبال؟
أو لم يقل رسول
الله a:( أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل
فالأمثل) [1]؟
والجواب عن ذلك من
وجوه عديدة، نكتفي منها بأربعة أجوبة[2]:
الجواب
الأول:
أولها أن الصالحين
يعطيهم الله من القوة والإيمان بحيث يواجهون البلاء بالابتسامة العذبة، ويرونه
هدايا جزيلة من محبوبهم تعالى الذي فنوا بمحبته عن كل ألم، وقد أخبر السري السقطي
عن القدرة العجيبة التي يتحملها من انشغل بالله، لما سأله الجنيد: هل يجد المحب
ألم البلاء؟ قال: لا، قال: وإن ضرب بالسيف قال: نعم وإن ضرب بالسيف سبعين ضربة،
ضربة على ضربة.