وهو نفس قول سائر الأنبياء ـ عليهم السلام ـ، كما قال
تعالى:﴿ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ
مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾
(ابراهيم: 11)
وهذه الطبيعة البشرية هي المرآة التي تتجلى على
صفحتها الحقائق الروحانية، ولهذا لا تنافي بين الحس والمعنى، ولا بين الجسد والروح
إلا فيمن لم تتوحد ذاته، ولم يعرف ربه، أما الذي عرفه، فإنه لا يحجبه عن الله شيء.
وقد بين النورسي روحانية الأجسام بقوله:( على الرغم
من كثافة التراب وظلمته، نسبة الى الماء والهواء والضياء فهو منشأٌ لجميع أنواع
المصنوعات الإلهية، لذا يسمو ويرتفع معنىً فوق سائر العناصر.. وكذا النفس
الانسانية على الرغم من كثافتها، فانها ترتفع وتسمو على جميع اللطائف الانسانية
بجامعيتها، بشرط تزكيتها.
فالجسمانية كذلك هي أجمع مرآة لتجليات الأسماء
الإلهية، وأكثرها احاطة واغناها.. فالالات التي لها القدرة على وزن جميع مدخرات
خزائن الرحمة الإلهية وتقديرها، انما هي في الجسمانية، اذ لو لم تكن حاسة الذوق
التي في اللسان مثلاً حاوية على آلاتٍ لتذوق الرزق بعدد أنواع المطعومات كلها،
لَما كانت تحسّ بكل منها، وتتعرف على الاختلاف فيما بينها، ولَما كانت تستطيع ان
تحس وتميز بعضها عن بعض.
وكذا فان أجـهزة معرفة أغلب الأسماء الإلهية
المتجلية، والشعور بها وتذوقـها وادراكها، انما هي في الجسمانية) [1]
ويشير إلى هذا المعنى ما
أخبر به a من إلهام أهل الجنة التسبيح كما نلهم النفس، قال a:( إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يبولون
ولا يتغوطون ولا