وقد كان هذا سببا
لإحجامي عن الحديث في هذه المسألة، ولولا أن النصوص تكاد تشير إليها ما ذكرتها.
زيادة على ذلك، فإن
العاقل الذي سد منافذ الغفلة يرى من رحمة الله فيها ما يملؤه محبة له وشوقا إليه
وتطلعا لما في يديه.
ومن هذا الباب نطل
على هذه المسألة غير باتين فيها بقول من الأقوال، مرجعين الأمر لإرادة الله
ومشيئته، فلذلك نكتفي بذكر ما يمكن أن تحتمله النصوص، وما قد يدل عليه العقل
الواعي لحكمة الله ورحمته ليشرب منها كل إنسان ما ينسجم مع طبيعته، كما قال تعالى:﴿ كُلّاً
نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ
مَحْظُوراً﴾ (الاسراء:20)
خلود العذاب:
أكثر النصوص
القطعية تدل على خلود الكفار في العذاب، وبأن النار لا تفنى، ولا يفنى ما فيها،
وقد ورد في مواضع مختلفة من القرآن الكريم، وبصيغ مختلفة الدلالة على هذا المعنى:
ومن ذلك الإخبار عن
مقامهم فيها بصيغة الخلود، وهو يقتضي التأبيد، وهو أكثر ما ورد في القرآن الكريم
مما يدل على خلود أهل النار في النار، كما قال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا
أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (التغابن:10)، وقال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ
أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (البقرة:39)، وقال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ
يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (البقرة: 257))، وقال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا
بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ﴾ (لأعراف:36)، وقال تعالى:﴿
وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ
ذِلَّةٌ مَا