ومن نتائج إدراك المؤمن
لهذه المشيئة استسلامه ليد الله، وهي تخفضه أو ترفعه في منازل الدنيا، عالما أن كل
ما يفعله الله به من مقتضيات لطفه ورحمته، فقد يجعل الله تعالى بلطفه عاقبة خفض الجب وظلمة السجن رفعة ملك، قال تعالى عن يوسف u معبرا عن هذه الحقيقة:﴿ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا
رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ
بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ
إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ (يوسف: 100)
بل مثل ذلك حصل للثلة
المؤمنة التي كانت تصهر في صحراء مكة، قال تعالى:﴿ وَعَدَ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾
(النور: 55)
فإن لم يحصل بعض ذلك في
الدنيا، فإن درجات الآخرة التي يعيش لها المؤمن أعظم بكثير من درجات الدنيا، قال تعالى:﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ
أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً﴾ (الاسراء:21)
وإدراك المؤمن لكل هذا
يجعله صاحب همة عالية لا تنزل به إلى السفاسف، وكيف ينزل إلى السفاسف من ينتسب إلى
إله منه يبدأ كل شيء، وإليه يعود كل شيء، ولا يعجزه شيء.
إرادة المعطي المانع:
من أسماء الله تعالى الدالة على طلاقة المشيئة اسمه المركب (
المعطي المانع)[2]، وهو