قال تعالى:﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ
أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا
يَعْقِلُونَ ﴾ (يونس:100)
ولهذا نهي عن الإكراه
على الإيمان، فقد عقب تعالى قوله:﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي
الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً﴾ (يونس: 99) بقوله تعالى:﴿ أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ
النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِين﴾ (يونس: 99)
ولهذا كذلك يتكرر في
القرآن الكريم النهي عن الحزن لضلال الضالين، لأن ذلك لا يخرج عن إرادة الله في
خلقه، قال تعالى:﴿ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ (فاطر: 8)، وقال تعالى:﴿
فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا
الْحَدِيثِ أَسَفاً ﴾ (الكهف:6)،
وقال تعالى:﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ (الشعراء:3)
ولذلك يأمر تعالى
بالتسليم لله في أمر هداية الخلق وإضلالهم بعد القيام بالأسباب المشروعة، قال
تعالى:﴿ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ
لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً﴾ (الرعد:31)
أي: ألم ييأس الذين آمنوا من إيمان جميع الخلق ويتبينوا أن لو يشاء اللّه لهدى الناس
جميعا.
ومن النتائج الكبرى
لهذه المعرفة أن يتوجه المؤمن بالشكر على هدايته الإيمان كما قال تعالى مخبرا عن مقالة المؤمنين لأقوامهم:﴿ قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا
يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾
(الأنعام: 71)، وقال تعالى:﴿ وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ
وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى
اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ (ابراهيم:12)، وقال تعالى مخبرا عن مقالة أهل الجنة بعد دخولها:﴿
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا
أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ (لأعراف: 43)
أما الغافلون عن هذه
الحقائق، فهم الذين يمنون على الله بإيمانهم، وبالتالي يطالبون