لقد كنت في
انتظاركم.. اعذروني إن لم أستقبلكم بما يليق بكم، فإني لم أفطن لدخولكم.
قال رجل منا:
كفى بموعظتك مستقبلا لنا، فقد حركت منا ما كان ساكنا، وأحيت منا ما كان ميتا.. وقد
جئناك لعلك تدلنا على الطريق الذي نتطهر به من الآثام التي هوت بحياتنا إلى درك
الجحيم.
قال آخر: لقد
عرفنا من هذه المدرسة الطيبة أن كل ما حل بنا ثمار لبذور ذنوبنا..
قال آخر:
فعلمنا من علوم قسمك ما يطهرنا من العدوان الذي ملأ حياتنا ظلمات.
قال
الماوردي: صدقتم.. فليس كالعدوان ظلمة.. لقد ذكر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
ذلك، فقال: (إيّاكم والشّحّ فإنّه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالظّلم فظلموا وأمرهم
بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا، وإيّاكم والظّلم، فإنّ الظّلم ظلمات يوم
القيامة، وإيّاكم والفحش فإنّ اللّه لا يحبّ الفحش ولا التّفحّش)، فقام إليه رجل
فقال: يا رسول اللّه، أيّ المسلمين أفضل؟ قال: (من سلم المسلمون من لسانه ويده)[1]
قال رجل منا:
لقد علمنا أصحابك من الأساتذة أصول الآثام التي تنبني عليها فروعها.. فما أصول
العدوان؟
قال
الماوردي: سبعة.. من وقع فيها جميعا كان عاتيا جبارا ظالما.. ومن وقع في بعضها كان
له من الإثم بقدر ما له منها.
قال الرجل:
فما هي؟
قال
الماوردي: سأجعلكم أنتم الذين تكتشفونها.. لقد ورد في الحديث أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم خطب النّاس يوم النّحر، فقال: (يا أيّها النّاس، أيّ يوم هذا؟) قالوا:
يوم حرام. قال: (فأيّ بلد هذا؟) قالوا: بلد حرام. قال: (فأيّ شهر هذا؟) قالوا: شهر
حرام. قال: (فإنّ دماءكم