بإخفائه[1].
قال الرجل: وعيت هذا.. فما علاج الكذب؟
قال الخرائطي: لا يمكن معرفة العلاج قبل معرفة الدواعي والأسباب.
قال الرجل: فما دواعي الكذب، وما أسبابه؟
قال الخرائطي[2]: منها الكذب لاجتلاب النّفع واستدفاع الضّرّ، فيرى الكذّاب أنّ الكذب أسلم وأغنم، فيرخّص لنفسه فيه اغترارا بالخدع، واستشفافا للطّمع.
ومنها أنه يؤثر أن يكون حديثه مستعذبا، وكلامه مستظرفا، فلا يجد صدقا يعذب ولا حديثا يستظرف، فيستحلي الكذب الّذي ليست غرائزه معوزة، ولا طرائفه معجزة.
ومنها أن يقصد بالكذب التّشفّي من عدوّه فيسمه بقبائح يخترعها عليه، ويصفه بفضائح ينسبها إليه.
ومنها أن تكون دواعي الكذب قد ترادفت عليه حتّى ألفها، فصار الكذب له عادة، ونفسه إليه منقادة.
ومنها حبّ التّرأّس، وذلك أنّ الكاذب يرى له فضلا على المخبر بما أعلمه، فهو يتشبّه بالعالم الفاضل في ذلك.
قال الرجل: عرفنا الدواعي، فما العلاج؟
قال الخرائطي: علاج الداء بمقاومته.. وعلاج الدواعي بالتخلي عنها.
الخداع:
قال رجل من الحاضرين: فما الهاوية التي يؤدي إليها الكذب؟
قال الخرائطي: أخطر هاوية يؤدي إليها الكذب هي الخداع.. فالكاذب يتصور أن له
[1] رياض الصالحين: 459.
[2] أدب الدنيا والدين: 256.