وطفت دفاتر
المؤرخين، وبحثت عن أسرار الصراع، فوجدتها جميعا تنطلق من جمرة الشحناء التي لا
تعرف إلا الإحراق، وأول ما تبدأ به في إحراقها قلوب أصحابها.
قلنا
متعجبين: قلوب أصحابها!؟
قال
المسعودي: أجل.. فما الحريق الخارجي إلا شعلة من ذلك الحريق الداخلي.
قلنا: لقد
ملأتنا بالعجب.. فحدثنا عن أسرار هذه الحرائق، وعن مشعلها في قلوب أصحابها.
قال
المسعودي: لقد عرفتم طغيان الأنا وعتوها.. وعرفتم أن الأناني لا يبصر إلا نفسه،
ولا يحب أن يبصر إلا نفسه.
قلنا: لقد
تعلمنا علوم ذلك من الآجري.
قال: فذلك
الطغيان الذي تمتلئ به الأنا يوقد نار الشحناء في قلب صاحبها.. فلذلك تراه لا يريد
الخير إلا له.. فإن أبصر خيرا في غيره راح يشعل فيه نيران قلبه.. وعندما تشتعل
النار تبدأ بقلب صاحبها.
قلنا: نراك
تومئ إلى الحسد والحقد.
قال: أجل..
فالحسد والحقد هي النيران التي تريد أن تلتهم الحياة.. ولكنها في عتوها لا تلتهم
إلا قلب صاحبها.
قلنا: فلم لم
يسم هذا القسم باسم الحقد والحسد؟
قال: لأن
الحسد والحقد ثمرتان من ثمار البغض، وشعلتان من ناره.. فالقلب الممتلئ بالشحناء
والبغضاء هو الذي يوحي لصاحبه بآيات الحقد والحسد..
لقد رأيت
النصوص المقدسة تنص على ذلك في مواضع كثيرة، وكأنها تدلنا على البحث عن المنبع
الذي تنبع منه الآثام.. فلا يمكن أن تعالج الآثام إلا من منابعها.
اسمعوا إلى
الله تعالى، وهو يحذر أولياءه من قلوب أعدائهم الممتلئة بالبغض، قال