فأجرهما
سواء. وعبد رزقه اللّه مالا ولم يرزقه علما، فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتّقي
فيه ربّه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم للّه فيه حقّا، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم
يرزقه اللّه مالا ولا علما فهو يقول: لو أنّ لي مالا لعملت بعمل فلان فهو نيّته،
فوزرهما سواء)[1]
وفي الحديث أن
فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقالوا : ذهب أهل
الدثور[2] بالدرجات العلى،
والنعيم المقيم، فقال:(وما ذاك ؟)، فقالوا : يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم،
ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم:(
أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل
منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟)، قالوا : بلى يا رسول الله، قال: (تسبحون وتكبرون وتحمدون،
دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة)، فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم،
فقالوا : سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله؟ فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم:
(ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)[3]
قال آخر:
عرفنا هذا.. فهل من علاج غيره؟
قال
المسعودي: بما أن السبب الأكبر للحسد هو المزاحمة على الدنيا.. فإن العلاج الأكبر
للحسد هو الترفع عن الدنيا.. ذلك أن الدنيا هي التي تضيق على المتزاحمين، أما
الآخرة فلا ضيق فيها، وإنما مثال الآخرة نعمة العلم فلا جرم من يحب معرفة الله
تعالى ومعرفة صفاته وملائكته وأنبيائه وملكوت سمواته وأرضه لم يحسد غيره إذا عرف
ذلك أيضاً، لأن المعرفة لا تضيق على العارفين، بل المعلوم الواحد يعلمه ألف ألف
عالم ويفرح بمعرفته ويلتذ به، ولا تنقص لذة واحد بسبب غيره، بل يحصل بكثرة
العارفين زيادة الأنس وثمرة الاستفادة والإفادة.
[1]
رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح- وهذا لفظه - وابن ماجة.