بنفسك..
وتزيل الفخر بأنك من جنس عبدك، إذ الناس يجمعهم في الانتساب أب واحد؛ وإنما
اختلفوا في الفضل أشتاتاً فبنو آدم جنس واحد وإنما الفخر بالفضائل؛ والفخر والعجب
والكبر أكبر الرذائل وهي أصلها ورأسها، فإذا لم تخل عنها فلا فضل لك على غيرك، فلم
تفتخر وأنت من جنس عبدك من حيث البنية والنسب والأعضاء الظاهرة والباطنة؟
وأما المزاح
فتزيله بالتشاغل بالمهمات الدينية التي تستوعب العمر وتفضل عنه إذا عرفت ذلك.
وأما الهزء
فتزيله بالتكرم عن إيذاء الناس وبصيانة النفس عن أن يستهزأ بك.
وأما التعيير
فالحذر عن القول القبيح وصيانة النفس عن مر الجواب.
وأما شدة
الحرص على مزايا العيش فتزال بالقناعة بقدر الضرورة طلباً لعز الاستغناء وترفعاً
عن ذل الحاجة.
قال الرجل:
فكيف نستعمل هذه الوصفات؟
قال
المسعودي: بالرياضة والمجاهدة.. فكل خلق من هذه الأخلاق وصفة من هذه الصفات يفتقر
في علاجه إلى رياضة وتحمل مشقة، وحاصل رياضتها يرجع إلى معرفة غوائلها لترغب النفس
عنها وتنفر عن قبحها، ثم المواظبة على مباشرة أضدادها مدة حتى تصير مألوفة هينة
على النفس، فإذا انمحت عن النفس فقد زكت وتطهرت عن هذه الرذائل وتخلصت عن الغضب
الذي يتولد منها[1].
قال آخر: لقد
عرفنا علاج أصل الداء.. فهل من دواء مهدئ للغضب في حال ثورانه؟
قال
المسعودي: ستة علوم إن علمها الغاضب قتلت غضبه في مهده، وأطفأت ناره قبل أن تحرقه.
[1]
انظر التفاصيل المرتبطة بكيفية الرياضة في هذه السلسلة في محال مختلفة.