الفرح بالهيئة
والخلقة والجمال والزهو بها من أول ما يولد في الإنسان من فرح حين يبصر وجهه في
المرآة لأول مرة، ويتصور أنه بالمرآة استطاع أن يعرف نفسه، وأن المرآة التي أحاطت
به واختصرت حقيقته في تلك الصورة التي قدمتها له هي التي عرفته حقيقته التي ما كان
له أن يعرفها لولا جوهرها الصقيل.
ومن ذلك الحين
تبدأ الأخطاء يتلو بعضها بعضا، يزهو بنفسه، ثم يقارن نفسه بغيره، ثم يحتقر غيره، ثم
يصنف الناس بحسب صورهم وألوان الأصباغ التي تطبع وجوههم، ثم يبدأ التمييز العنصري،
ويبدأ حرب الألوان للألوان،وتبدأ الدراسات بحوثها لتعمق الفوارق بين البشر
والأجناس بحسب هيئة الشعر ولون البشرة وحجم الجمجمة وطول القامة أو قصرها،
وبانتهائهم تبدأ النزغات النازية والفاشية والقومية لتنفخ من بوق الجسد كل شعارات
التمييز بين خلق الله، وتتخذ من الجسد محور كل ذلك الصراع الذي لا ينتهي إلا ليبدأ
بشكل آخر.
نعم، يمكن أن نجزم
حذرين بانتفاء التمييز العنصري وانتهاء زمنه في ظل كثير من القوانين الحديثة، ولكن
من يستطيع أن يجزم بانتفاء ذلك التمييز من قلوب الناس ومشاعرهم وهم لا يزالون
يتصورون الإنسان قالبا طينيا يتخذ ألوانا وأشكالا مختلفة، وطبيعتهم البشرية تأبى
ألا أن تفرق بين ألوان الخزف وأنواع الفخار.
وتعظيم الجسد وحصر
الإنسان في قالبه الطيني هو الذي تفنن مصممو