القصيرة، والتي
يزاحم مزاولته للعلم فيها شؤون حياته الكثيرة، ومع ذلك فهو محدود نوعية العلم أيضا
حتى أن معارفه التي لا تتجاوز حياته الدنيا قدتوصف بالجهل قال تعالى :﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا
يَعْلَمُون يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ
الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾(الروم:7)
وقوانين الحياة
الدنيا في جميع مجالاتها ليست هي قوانين الحياة الآخرة، فالذي فرح في الدنيا
واختال زهوا بكونه طبيبا ملما بالأدواء وشفائها، قاصرا فكره على ذلك، سيصبح يوم
القيامة بل بعد موته مباشرة جاهلا كغيره ممن ظن أنه تميز عنهم، لأن أجساد أهل
القيامة لا تحتاج إلى دواء، فهم بين صحيح لا يمرض أو مريض لا يصح ولا يموت.
ولذلك فإن الحقيقة
الأولى التي يقررها القرآن الكريم في النفس هي أن أكثر الناس لا يعلمون، وتلك
القلة التي تعلم لا تعلم إلا قليلا،قال تعالى :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ
الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾(الإسراء:85)
وبعد أن تستشعر
النفس حقيقة جهلها، وتعلم أن جهلها أصل ثابت فيها، وأن ما تعرفه عارية لا ينبغي أن
تفرح لها يعود القرآن ليؤسس فيها العلم الحقيقي ويشعرها بالكيفية التي ينبغي لها
أن تنظر بها للعلم، وتفرح به من خلالها، فيبدأ ببيان أن العالم الوحيد في هذا
الكون هو الله، وأن كل من أوتي علما فالله أعلم منه، قال تعالى :﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾(يوسف:76)