رواية: انظروا
إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة
الله عليكم)، وفي رواية: (انظروا إلى من هو أسفل منكم في الدنيا، وفوقكم في الدين،
فذلك أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم)[1]
وقد عقب بعض
رواة الحديث عليه بقوله ـ يذكر تجربته ـ (كنت أصحب الأغنياء فما كان أحد أكثر هما
مني، كنت أرى دابة خيرا من دابتي، وثوبا خيرا من ثوبي، فلما سمعت هذا الحديث صحبت
الفقراء فاسترحت)
وراوي الحديث
يعبر ـ بكل صراحة ـ عنك وعن أمثالك، ممن لا يبالون بمشاعر المحرومين والمتألمين،
ويتصورون أنهم يحمدون الله بفعلهم ذلك، وهم لا يعلمون أن الله يمكن أن يُحمد جملة
من غير تفصيل، ويمكن أن يحمد بذكر أسمائه الحسنى وصفاته العليا، لا بذكر أسماء
الأولاد، وأوصاف البيوت.
ولذلك كان أقرب
اسم لذلك الفعل الذي قمت به ـ أيها الرفيق العزيز ـ هو لقب [الفخر والمباهاة] لا
لقب الحمد والشكر، لأننا لو طبقنا ما فعلته، لوجدنا أقرب الناس إليه قارون، ذلك
الذي خرج على قومه في زينته، وأراهم كل ما لديه من صنوف النعمة، ومع أنك لم تخرج
مثلما خرج، ولكن كلماتك رسمت لجمهورك مشهدا لا يختلف عن مشهد قارون، ولذلك قال كل
من أحاط بك: يا ليت لنا مثلما أوتيت، كما قال من شاهد قارون: {يَالَيْتَ لَنَا
مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } [القصص: 79]
ولهذا كان الرسل
والأئمة والأولياء أكثر الناس تواضعا وأدبا ومراعاة لمشاعر الآخرين، وقد قال رسول
الله a لرجل رآه؛ فأخذته مهابة منه: (هون عليك فإني لست
يملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد) [2]
[1] رواه
أحمد (2/413) والبخاري (8/128) ومسلم (8/213) والترمذي (2513)