(إنه ليغان على قلبي، وإني لاستغفر الله في اليوم
مائة مرة)[1] ،
وكان يقول: (يا أيها الناس توبوا إلى ربكم، فإني أتوب إلى الله عز وجل في اليوم
مائة مرة)[2]
بل إن الله
تعالى أمره أن يقول بعد ذلك كله: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا
أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ
وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ } [الأحقاف: 9]، فالآية الكريمة تنص على أن
رسول الله a كان يكل علم مصيره إلى الله تعالى.بل ورد في
الحديث الشريف ما يدل على هذا، فعن أم العلاء أنها قالت بعد وفاة عثمان بن مظعون ـ
وهو من الصحابة الأوائل الذين ثبتوا مع رسول الله a
في كل المحن التي مر بها ـ: (رحمة اللّه عليك أبا السائب شهادتي عليك، لقد أكرمك
اللّه تعالى)، فقال لها رسول اللّه a مصححا وموجها: (وما يدريك أن الله أكرمه؟)،
فقالت: (لا أدري بأبي أنت وأمي يا رسول الله)، فقال رسول الله a: (أما عثمان فقد جاءه والله اليقين، وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري
وأنا رسول الله ما يفعل به) ، قالت: فوالله لا أزكي أحدا بعده أبدا، وأحزنني ذلك،
قالت: فنمت، فأريت لعثمان عينا تجري، فجئت إلى رسول الله a،
فأخبرته، فقال: (ذاك عمله)[3]
ثم يأتي بعد ذلك
أصحاب الأماني الكاذبة ليوهموا الناس أن الأمر يسير، وأنه ليس عليهم شيء.. بل
بمجرد أن يخرجوا من هذه الدنيا يدخلون الجنان، من غير أن يبذلوا أي جهد في غرس
أشجارها، أو بناء قصورها، أو تنقية أرضها.
مع أن الجنة
ليست سوى ثمرة للأعمال.. فمن لم يعمل في دنياه لم يجد في آخرته.. وقد ذكر الله
تعالى ذلك، وبين قوانينه، فقال: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا
لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ
(7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة: 6 - 8]