بل إن الله
تعالى حذرنا من ذلك، وأخبرنا أن غض الطرف عن أمثال تلك السموم التي يصل صداها إلى
القلب أزكى وأطهر للإنسان، قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } [النور: 30]
بل إن الله
تعالى حذرنا أن نكتفي بجمال المظهر، مع الغفلة عن جمال المخبر في كل شيء، قال
تعالى عن المنافقين: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ
يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ
كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ
أَنَّى يُؤْفَكُونَ } [المنافقون: 4]
فاحذر يا بني أن
تأسرك تلك التقاسيم الجميلة، ولا تلك الأصوات العذبة، أو الروائح العطرة، فتسجنك
في سجونها القاتلة.. فأنت لم تنزل لهذه الدنيا لتسجن في الزنازن، وفي جمالها
المقيد المحدود.. وإنما نزلت لترتقي في فضاء الجمال المطلق.. ذلك الذي لا يظفر به
إلا من نظر إلى الجمال الحقيقي، ولم يغره ذلك الجمال المزيف الذي قد يلذ العين أو
الأذن أو الحواس.. لكنه يقتل الروح، ويقتل معها كل لطائف الإنسان.