ولتقريب
ذلك ضرب مثالاً من طبيعة الإنسان، عبر عنه بقوله: (إنّ شدة الغضب في رجل توجب
ثوران دمه، واحمرار وجهه، وحرارة جسده، واحتراق موادّه، على أنّ الغضب صفة نفسانية
موجودة في عالم الروح الإنساني وملكوته والحركة والحمرة والحرارة والاحتراق من
صفات الأجسام وقد صارت هذه الجهات والعوارض الجسمانية نتائج لتلك الصفة النفسانية
في هذا العالم، فلا عجب من أن يكون سورة هذه الصفة المذمومة مما يلزمها في النشأة
الأُخرى نار جهنم التي تطّلع على الأفئدة فاحترقت صاحبها كما يلزم هاهنا عند شدة
ظهورها وقوة تأثيرها إذا لم يكن صارف عقلي أو زاجر عرفي يلزمها من ضربان العروق
واضطراب الأعضاء وقبح المنظر ربما يؤدي إلى الضرب الشديد والقتل لغيره بل لنفسه،
وربما يموت غيظاً فإذا تأمل أحد في استتباع هذه الصفة المذمومة لتلك الآثار فيمكن
أن يقيس عليها أكثر الصفات المؤذيات والاعتقادات المهلكات وكيفية انبعاث نتائجها
ولوازمها يوم الآخرة من النيران وغيرها، وكذا حال أضدادها من حسنات الأخلاق
والاعتقادات وكيفية استنباط النتائج والثمرات من الجنات والرضوان والوجوه الحسان)[2]
وضرب
مثالا آخر من الطبيعة، فقال: (إنّ الجسم الرطب متى فعل ما في طبعه من الرطوبة في
جسم الآخر قَبِلَ الجسم المنفعل الرطوبةَ فصار رطباً مثله، ومتى فعل فعله الرطوبة
في قابل غير جسم كالقوة الدراكة الحسية والخيالية إذا انفعلت عن رطوبة ذلك الجسم
الرطب، لم يقبل الأثر الذي قبله الجسم الثاني ولم يصر بسببه رطباً بل يقبل شيئاً
آخر من ماهية الرطوبة لها طور خاص في ذلك كما يقبل القوة الناطقة متى نالت الرطوبة
أو