ولهذا فإن الأنبياء عليهم السلام في ذلك
المحل الذي طلب منهم فيه دعوة الله تعالى أرسلوا من طلب منهم ذلك إلى رسول الله a
لا باعتبارهم خاطئين، ولا باعتبار حرصهم على أنفسهم، وإنما باعتبار رسول الله a
في ذلك المحل هو الإمام الذي لا يصح أن يتقدم عليه أحد.
والعجب أن هذا الحديث يذكر أن نوحا عليه
السلام أعطاه الله تعالى دعوة واحدة، وأن نصيبه من الدعاء قد انتهى، كما ورد في
الحديث: (وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي)، فهل نزل كرم الله إلى هذه الدرجة
بحيث يمنح لعباده المقربين دعوة واحدة.
ثم إنا نرى الله تعالى يثني على نوح عليه
السلام، ويثني على ما قام به من الدعاء على قومه، فكيف نضرب القرآن بهذا الحديث
الذي يوهم أن نوحا عليه السلام أخطأ في الدعاء على قومه.
وهكذا نرى الحديث يرمي إبراهيم عليه السلام
بالكذب، بل بثلاث كذبات خطيرة، وأن تلك الكذبات حالت بينه وبين أن يدعو الله..
بناء على هذا؛ فإن الجزء المتيقن في هذا
الحديث إثبات الشفاعة العظمى لرسول الله a، بعد المعاناة الطويلة التي
يعانيها المنحرفون عنه في الانتظار والبحث عمن يتكفل بذلك.
وهي نوع من الدروس المقدمة لهم في هذا
المجال، لأن أساس الإجرام الذي وقع فيه المنحرفون الانحراف عن الأنبياء وعدم
تعزيرهم وتوقيرهم وطاعتهم، ولذلك يكتشفون في ذلك الموقف قيمتهم، وأهمتيهم، ويعرفون
مدى نصحهم، كما أشار إلى ذلك
نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 269