نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 308
وقد ورد في الحديث ما يعطي مشاهد وصورا لذلك،
ومنها قوله a: (إذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله، فجحد وخاصم، فيقال:
هؤلاء جيرانك، يشهدون عليك؟ فيقول: كذبوا. فيقول: أهلك وعشيرتك؟ فيقول: كذبوا؛
فيقول: احلفوا فيحلفون، ثم يصمتهم الله وتشهد عليهم ألسنتهم، ويدخلهم النار)[1]
وفي بعض الآثار: (ويدعى الكافر والمنافق
للحساب، فيعرض عليه ربه -عز وجل-عمله، فيجحد ويقول: أي رب، وعزتك لقد كتب علي هذا
الملك ما لم أعمل! فيقول له الملك: أما عملت كذا، في يوم كذا، في مكان كذا؟ فيقول:
لا وعزتك، أي رب ما عملته. قال: فإذا فعل ذلك ختم على فيه) [2]
وهذا وغيره كثير يدل على مدى الحرية التي
تتاح في ذلك الموقف، وأمام المحكمة الإلهية إلى الدرجة التي لا يقبل فيها الطغاة
والمجرمون شهادة الله نفسها، كما ورد في الحديث أن رسول الله a
ضحك ذات يوم وتبسم، فلما سألوه عن ذلك، قال: (عجبت من مجادلة
العبد ربه يوم القيامة، يقول: أي ربي، أليس وعدتني ألا تظلمني؟ قال: بلى فيقول:
فإني لا أقبل علي شاهدا إلا من نفسي. فيقول الله تبارك وتعالى: أو ليس كفى بي
شهيدا، وبالملائكة الكرام الكاتبين؟! قال: فيردد هذا الكلام مرارا، فيختم على فيه،
وتتكلم أركانه بما كان يعمل، فيقول: بعدا لكن وسحقا، عنكن كنت أجادل)
[3]
فقول المتهم في الآخرة:(رب
ألم تجرني من الظلم) يدل على الضمانات الكثيرة التي أخذها العباد لإقامة العدالة
المطلقة في ذلك اليوم، وقوله:(فعنكن كنت أناضل) دليل على مدى الحرية التي أتيحت له
للدفاع عن نفسه.