نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 412
بكرمه ورحمته للمحسنين، ولا يقرر عقوبةً
تناسب عزته وغيرته للمسيئين)[1]
ويقول في إشارة أخرى: (أمن الممكن لخالق ذي
جـلال أظهر ســـلطان ربــوبـيـتـه بتـدبيـر قـانــون الوجــود ابـتــداء من الذرات
وانتهاء بالمجرات، بغاية الحكمة والنـظام وبمنتهى العدالـة والميزان.. أن لا
يعامِل بالإحســان من احتـموا بتـلك الربوبيـة، وانقادوا لتلك الحكمة والعدالة،
وأن لا يجازي أولئـك الذيــن عصَـوا بكفرهم وطغيانهم تلك الحكمةَ والعدالــة.. بينما
الإنسان لا يَلقى ما يستحقه من الثواب أو العقاب في هذه الحياة الفانية على وجه
يليق بتلك الحكمة وتلك العدالة إلاّ نادرا، بل يؤخَّر، إذ يرحل أغلبُ أهل الضلالة
دون أن يلقوا عقابهم، ويذهب أكثرُ أهل الهداية دون أن ينالوا ثوابهم.. فلابد أن
تُناط القضيةُ بمحكمة عادلة، وبلقاءٍ آيل إلى سعادة عظمى) [2]
ولذلك فإن الفطرة السليمة التي ترى الجزاء
أمامها في كل شيء.. بل لا ترى حياتها إلا ثمرة للتصرفات التي تقوم بها، لا تستبعد
وجود دار خاصة للجزاء، لأن الذي أبدع الدنيا هو نفسه الذي أبدع الأخرى، والقوانين
في الجميع ثابتة.
بل إن الفطرة السليمة يمكنها أن تكتشف أنواع
الجزاء المعدة في الآخرة، وكونها متناسبة تماما مع أعمال الدنيا..ولذلك يمكنها أن
تعرف أن هناك جنة أو دار جزاء للمحسنين، كما أن هناك نارا، أو دار جزاء للمسيئين.
ويمكنها أن تكتشف أن كلا الدارين مختلفتين في
المراتب، وأنواع الجزاء، وذلك بحسب الأعمال التي قام بها من جوزي بتلك الأنواع من
الأجزية.
وهذا كله ما تذكره المصادر المقدسة للأديان
جميعا، والتي تتفق على أن عدالة الله ورحمته وتربيته لخلقه تقتضي وجود محل خاص
للجزاء، أو زمن خاص به.