نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 543
إذا ما أقيمت عليه الحجة، أو توضح له البرهان.
ولهذا نرى في القرآن الكريم نوعا من التساهل
مع الضالين بخلاف المغضوب عليهم، فإبراهيم عليه السلام في استغفاره لقريبه تذرع
لذلك بكونه من الضالين، كما قال الله تعالى على لسانه: ﴿وَاغْفِرْ لِأَبِي
إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ﴾ [الشعراء: 86]
وهكذا تذرع موسى عليه السلام بقتله للقبطي
بقوله: ﴿ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ﴾ [الشعراء:
20]
وهكذا أخبر الله تعالى عن سرعة توبة أصحاب
الجنة، وتبريرهم لخطئهم بكونهم كانوا من الضالين، قال تعالى: ﴿وَغَدَوْا
عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26)
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) ﴾ [القلم: 25 - 28]
ولهذا ورد في الحديث قوله a
في بيان بعض مصاديق المغضوب عليهم والضالين: (المغضوب عليهم اليهود، وإن الضالين
النصارى)[1]
وهو حديث توجه له البعض بالتشكيك متوهما
خلافه للقرآن الكريم، وذلك ليس صحيحا، فهو يوافق قوله تعالى: ﴿ لَتَجِدَنَّ
أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا
وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا
إِنَّا نَصَارَى﴾ [المائدة: 82]، ثم علل سر كون النصارى أقرب مودة للذين
آمنوا بقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا
وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى
الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ
الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾
[المائدة: 82، 83]
وهذا يشير إلى أن التواضع وسرعة الاهتداء
يكون رديفا للضلال، بخلاف المغضوب عليه، والذي قد تقام عليه كل أنواع الحجج، ومع
ذلك يظل مصرا على عناده.