إلهي.. أيها الكبير المتعال.. يا صاحب
الوجود الأزلي الأبدي الدائم.. يا من تنزهت عن كل نقص، وتقدست عن كل ضعف، وتعاليت
عن كل ما لا يليق بجلالك وجمالك وكبريائك.
لقد رحت أبحث في كل شيء خلقته، فوجدته
صغيرا بجنبك.. بل لا يساوي شيئا.. بل هو صفر محض.. أو وهم خالص.. فكل شيء إذا ما
قورن بك، ووضع أمامك تحول إلى عدم ووهم وسراب.
وكيف لا يتحول إلى ذلك، وهو لا يملك إلا
وجودك.. فلولا وجودك لم يكن شيئا مذكورا.. ولولا إمدادك له في كل نفس بالوجود لعفى
أثره، وانطفى نوره، ولم يبق له حقيقة ولا اسم ولا رسم.
فوجود كل شيء ـ يا رب ـ من وجودك..
وكمال كل شيء ذرة من محيطات كمالك.. وجماله ذرة في بحر جمالك..
فهنيئا لمن عرف أنك أنت الأكبر.. وأن من
انتسب إليك فقط هو الذي يحق له أن يفرح ويفخر.. لأنه ينتسب إلى المتعال الأكبر..
ذلك الذي لا يعرف وجوده العدم، ولا يعرف كماله النقص، ولا يعرف عطاؤه البخل، ولا
يعرف جماله الدمامة.. فكما أنك يا رب الأكبر.. فكل صفاتك الأكبر..
فأنت ـ يا رب ـ الأعلم الذي لا يضاهيك
أحد في علمك.. وكيف يضاهيك وكل علوم الخلائق ذرة من محيطات علومك، وكلها منك، وأنت
الذي ألهمتهم إياها، ولولاك لكانوا جهلا محضا..