بعالم الأعداد، أو أنه وصل إلى منتهاها، أو
أنه أدرك نصفها أو ربعها أو عشرها..
نعم يمكنه أن يذكر أنه عرف عالم الأعداد..
ولكن لا يمكنه أبدا أن يذكر أنه أحاط بمعرفتها.. فهي مطلقة لا نهاية لها.. ويمكن
لأي صبي صغير أن يضيف لما جمعه منها طيلة حياته أضعافا مضاعفة.
لقد أشرت يا رب في كلماتك المقدسة إلى هذا،
فقلت: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34]
فإن كنا يا رب عاجزين عن عد الأعداد، أو إحصاء
النعم، وهي خلق من خلقك، فكيف يمكننا أن نعد أسماءك، أو نحيط علما بك..
ولذلك يا رب كنت ظاهرا في بطونك.. وباطنا في
ظهورك..
فأنت بكرمك أبرزت لنا من جميل أسمائك ما
نستدل به عليك، بل ما نحجب به عن غيرك.. وأبرزت لنا في نفس الوقت ما يدل على غيبك
المطلق، وعدم إمكانية الإحاطة بك، وكيف يحاط بما لا نهاية لكماله وجماله وجلاله
وعظمته.
فأسألك يا رب.. أيها الظاهر الباطن.. أن
ترزقنا من جميل ألطافك ما تزين به ظواهرنا وبواطننا.. حتى يكونا جميعا مرآة لتجلي
جمال رحمتك ولطفك وكرمك..
ونستعيذ بك يا رب من كل الذنوب الظاهرة والباطنة
التي تحجبنا عنك.. فجمالك العظيم ممتلئ بالطهارة، لا يراه من دنس ظاهره أو باطنه.
وأسألك يا رب أن تجعل ما برز منا في الظاهر
من جمال لا يساوي شيئا أمام ما خفي في الباطن منه، حتى يكون الباطن ممدا للظاهر
بالمدد الذي لا ينقطع.
وأعوذ بك يا رب أن أكون كأولئك المنافقين
الذين اجتهدوا في تزيين ظواهرهم، فحجبوا بها عن بواطنهم، وسقطوا في الدرك الأسفل
من النار لكذبهم على أنفسهم،