responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل إلى الله نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 54

عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} [الزخرف: 33]

فالذهب والحديد والتراب عندك سواء.. وقد وصفت أمرك فقلت: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [يس: 82]

ولذلك فإن المستغني بك، والقريب منك أغنى من كل أولئك الذين انبهروا بهم، وكيف لا يستغني، وأنت الغني المغني الذي لا يرد من لجأ إليه، ولا يفتقر من استغنى به.

ولكن المقربين منك، لا يهتمون بمثل تلك الأمور، لأنه يكفيهم أنت.. ويكفيهم رضاك.. ويكفيهم أن يقفوا بين يديك يناجونك، ويسمعون كلماتك التي تخاطبهم بها، فهي أغلى عندهم من كل جواهر الدنيا.

لقد عدت يا رب، وتأملت في أحوال أولئك الذين وصفوهم بالغنى، فوجدتهم مع تلك الثروات فقر مطبق، ومن كل الجهات.. فهم كغيرهم مصاديق لقولك: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15]

لقد وجدت الأمراض تنتابهم، وتنهش أجسادهم مثل سائر الناس.. ورأيتهم يعذبون بها، ويتألمون، من غير أن تغني عنهم ثروتهم شيئا.

ورأيت الغضب ينتابهم، ويملأ حياتهم بالكدر.. ورأيت الضيق والضنك في ملامح وجوههم من غير أن تستطيع كل تلك الثروات إزالته عنهم.

ورأيت الشيب يسرع إلى رؤوسهم مثل سائر الناس.. ثم ما أسرع ما تمر الأيام لتضعهم مع العجزة والشيوخ الذين بلغوا أرذل العمر من غير أن تفلح أموالهم في ردهم إلى شبابهم وقوتهم.

ورأيت أنه مع كون موائدهم ممتلئة بصنوف الطعام، إلا أن الشبع سرعان ما

نام کتاب : رسائل إلى الله نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست