أسألك كما بدأتني بفضلك، وغمرتني في بدايتي
بكل ألوان لطفك وهدايتك وجودك.. أن تعيدني إليك، وأنا بفطرتي النقية التي خلقتها،
وسويتها، ورضيتها، مزودا بكل ما أتحت لي من دروس الهداية التي غذيت بها روحي ونفسي
وعقلي وقلبي وكل لطائفي.
وأعوذ بك يا رب أن يصير حالي كحال أولئك
الذين انطمست بصائرهم التي زودتهم بها، بعد أن رغبوا عنك، وتحولوا إلى أعدائك..
وكان أول ما حصل لهم ذلك العمى الذي وصفته بقولك: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي
فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ
كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى } [طه:
124ـ 126]
فأعوذ بك يا رب أن أنسى آياتك، أو أعرض عن
رسلك، أو أتمرد عن تعاليمك، أو أهجر كتابك، أو أعادي أولياءك، أو أوالي أعداءك، أو
أشيح بوجهي عن مواعظ الملك الذي قرنته بي، وجعلته سبيلا من سبلي إليك.
يا رب، فاحفظ لي بصيرتي حتى استردها عند
الإعادة، وفي ذلك العالم، وفي تلك النشأة الجديدة، وهي ممتلئة جمالا ونورا وصفاء
وطهرا.. حتى أستمد من أنوارها ما يحفظني في تلك الظلمات، ويجعلني أمر على السراط
كما تمر الأنوار، لا يصيبها الخوف، ولا ينتابها الحزن، ولا تشعر بدقته، ولا بحدته،
ولا يهولها ما يقف أسفله وعلى جوانبه من الأهوال.