يهينوا إلا أنفسهم.. فقد توجته بكرمك في ذلك
الحين الذي قطع فيه رأسه بكل تيجان العزة والرفعة والكرامة.. وتحول من عالم الدنس والمعايير
المغلوطة إلى سيد شباب أهل الجنة.
يا رب واجعلني مثل نبيك a..
ذلك الذي تحمل في سبيلك كل ألوان البلاء، حيث حرشت به قريش وكل من ساندها من
المجرمين الأطفال ليضربوه، والشعراء ليهجوه، والقصاصين ليكذبوا عليه، والوضاعين
ليضعوا الأحاديث التي تسيء إليه.. لكنه لم يكن يلتفت لكل ذلك.. بل كان نظره إليك،
وفرحه بك.. وعزته ورفعته معك وفي القرب منك.
يا رب.. واجعلني مثل أوليائك جميعا.. أولئك
الذين ضحوا بسمعتهم وكرامتهم من أجلك.. فنطقوا بالحق الذي سكت عنه الجبناء، عبيد
السمعة والشهرة، وواجهوا الباطل في أوجه قوته.. ولم يبالوا بأنفسهم في ذاتك.
إلهي.. وأعوذ بك من أولئك الذين انتكسوا بعدما
رفعتهم بالعلم.. لكن حرصهم على سمعتهم وشهرتهم وجاههم وصيتهم جعلهم يضحون بالحقائق
في سبيل تلك القلوب التي قيدتهم واستعبدتهم من دونك.
إلهي أعوذ بك من أن أكون من تلك الطائفة التي
مثلها بلعم بن باعوراء الذي ضحى بصحبته للأولياء في سبيل صحبته للأشقياء، فأنزلت
تقول فيه: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ
مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا
لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ
فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ
يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ
الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 175، 176]