نام کتاب : رسائل إلى رسول الله نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 350
هذه ـ سيدي ـ مواقفهم من طلبك لكتابة الوصية، ومنعك منها.. والتي جعلهم
حرصهم على الصحابة يتهمونك بأنك كنت المخطئ في طلب ذلك، وأن الحكمة فيمن منعوك من
كتابة وصيتك.
لكنهم
في نفس الوقت يقفون موقفا متناقضا تماما مع وصايا أصحابك الذين أحلوهم من المنزلة
ما لم يحلوك.. بل أجازوا لهم ما لم يجيزوا لك.. فهم يذكرون بإعجاب شديد موقف أبي
بكر في مرض موته عند وصيته لعمر، ويعتبرون ذلك من حرص أبي بكر على الأمة من بعده،
ورحمته بها، مع أن الحالة التي أملى فيها أبو بكر وصيته أخطر من الحالة التي كنت
فيها.. فقد حدث بعضهم قال: (دعا أبو بكر عثمان خالياً فقال له: أكتب بسم الله
الرحمن الرحيم هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين: أمّا بعد.. قال: ثمّ
أغمي عليه، فذهب عنه، فكتب عثمان: أمّا بعد: فإنّي قد استخلفت عليكم عمر بن
الخطاب، ولم آلكم خيراً منه. ثمّ أفاق أبو بكر فقال: أقرأ عليَّ، فقرأ عليه، فكبّر
أبو بكر وقال: أراك خفت أن يختلف الناس إن أفتتلت نفسي في غشيتي! قال: نعم! قال:
جزاك الله خيراً عن الإسلام وأهله. وأقرها أبو بكر من هذا الموضع)[1]
وهكذا نجدهم يروون عن أم المؤمنين عائشة قولها مخاطبه عبدالله بن عمر: (يا
بني أبلغ عمر سلامي وقل له: لا تدع أمة محمد بلا راع، استخلف عليهم، ولا تدعهم بعدك هملاً، فإني أخشى عليهم الفتنة)[2]
وهم يثنون عليها، وعلى كل من أوصى من الخلفاء، ويذكرون أن ذلك من حرصهم
الشديد على مصالح الأمة.. إلا أنت ـ سيدي ـ فإنهم يحتقرون وصيتك،
[1] تاريخ الطبري 2: 618. تاريخ
مدينة دمشق 3: 411. الطبقات الكبرى 3: 200. الثقات 2: 192..