responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 112

تناصحون، ولا تباذلون ولا توادّون.. ما بالكم تفرحون باليسير من الدّنيا تدركونه، ولا يحزنكم الكثير من الآخرة تحرمونه، ويقلقكم اليسير من الدّنيا يفوتكم، حتّى يتبيّن ذلك في وجوهكم، وقلّة صبركم عمّا زوي منها عنكم، كأنّها دار مقامكم، وكأنّ متاعها باق عليكم.. وما يمنع أحدكم أن يستقبل أخاه بما يخاف من عيبه، إلّا مخافة أن‌ يستقبله بمثله، قد تصافيتم على رفض الآجل، وحبّ العاجل، وصار دين أحدكم لعقة على لسانه، صنيع من قد فرغ من عمله، وأحرز رضا سيّده)[1]

ولكنك مع ذلك كله سيدي كنت تفرق بين دنيا الصالحين المترفعين، ودنيا العابثين المتثاقلين.. وقد روي أنك رأيت قوما يذمون الدنيا ذما مطلقا، فرحت تقول لهم: (ما بال أقوام يذمّون الدنيا وقد انتحلوا الزهد فيها؟!، الدنيا منزل صدق لمن صدّقها، ومسكن عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزوّد منها، مسجد أنبياء اللّه، ومهبط وحيه، ومصلّى ملائكته، ومسكن أحبّائه، ومتجر أوليائه، اكتسبوا فيها الرحمة، وربحوا منها الجنّة.فمن ذا يذم الدنيا- يا جابر- وقد آذنت ببينها؟! ونادت بانقطاعها، ونعت نفسها بالزوال، ومثّلت ببلائها البلاء، وشوّقت بسرورها إلى السرور، وراحت بفجيعة، وابتكرت بنعمة وعافية، ترهيبا وترغيبا، فذمّها قوم غداة الندامة، وحمدها آخرون، خدمتهم جميعا فصدقتهم، وذكّرتهم فاذّكّروا، ووعظتهم فاتّعظوا، وخوّفتهم فخافوا، وشوقتهم فاشتاقوا) [2]

وسمعت آخر يذم الدنيا ذما مطلقا، فرحت تصحح له، وتقول: (فأيّها الذامّ للدنيا المغترّ بغرورها! متى استذمّت إليك؟ بل متى غرّتك بنفسها؟ أ بمصارع آبائك من البلى؟! أم بمضاجع أمّهاتك من الثرى؟ كم مرّضت بيديك، وعلّلت بكفّيك؟ تستوصف


[1] الخطبة 111 ص 164.

[2] مستدرك نهج البلاغة للمحمودي: ج 1 ص 352- 357 الخطبة رقم(117)

نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 112
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست