نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 15
في هذه
الأيام أتذكر ضرارا.. ذلك الصاحب الوفي الذي استطاع أن يقهر كل المخاوف، وأن ينطق
بصفاتك أمام ألد أعدائك، مثلما فعل مؤمن آل فرعون حينما راح يذب عن موسى عليه
السلام..
لقد قال في
مجلسهم عندما طلبوا منه وصفك: (كان والله! بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا،
ويحكم عدلا، يتفجّر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من لسانه، يستوحش من الدنيا
وزخرفها، ويستأنس بالليل ووحشته، وكان غزير الدمعة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس
ما خشن، ومن الطعام ما جشب، وكان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا
استنبأناه، ونحن ـ والله! ـ مع تقرّبه لنا وقربه منّا لا نكاد نكلّمه هيبة له،
يعظّم أهل الدين، ويقرّب المساكين، لا يطمع القويّ في باطله، ولا ييأس الضعيف من
عدله، وإنّي أشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه ـ وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه
ـ قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين وهو يقول: (يا دنيا غرّي
غيري، إليّ تعرّضت أم إليّ تشوّقت؟ هيهات هيهات، قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها،
فعمرك قصير، وخطرك كبير، وعيشك حقير، آه! من قلّة الزّاد، وبعد السّفر، ووحشة
الطّريق) [1]
وعندما سئل
بعد نعته هذا عن مقدار حزنه عليك، قال: (حُزن من ذُبحَ ولدها في حجرها فلا ترقَأ
عبرتها، ولا يَسكُن حُزنها)
ونحن مثله ـ
سيدي ـ لا يقل حزننا عن حزنه، وألمنا عن ألمه.. وكيف لا يكون حزننا وألمنا كذلك..
وقد عشنا المآسي بعدك، ولا زال نعيشها.. فكل تحريف وقع في الإسلام، وكل دم سفك
فيه.. هو بسبب ذلك التهور الذي وقع فيه من عزلك وأبعدك،