نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 54
كما عبرت عن
ذلك بلسانك البليغ بقولك: (اليمين
والشّمال مضلّة، والطّريق الوسطى هي الجادّة، عليها باقي الكتاب، وآثار النّبوّة،
ومنها منفذ السّنّة، وإليها مصير العاقبة، هلك من ادّعى، وخاب من افترى، من أبدى
صفحته للحقّ هلك، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره.. لا يهلك على التّقوى سنخ
أصل، ولا يظمأ عليها زرع قوم، فاستتروا في بيوتكم، وأصلحوا ذات بينكم، والتّوبة من
ورائكم، ولا يحمد حامد إلّا ربّه، ولا يلم لائم إلّا نفسه)[1]
بل إنك ـ سيدي ـ
لم تكتف بهذا السلوك لنفسك، وإنما رحت تبينه كتشريع يقوم عليه بنيان السياسة
الشرعية في الإسلام، وكأنك كنت تعلم من سيخلفك على هذه الأمة، وكيف يزيح كل تلك
المعاني السامية ليحل بدلها الأهواء والمصالح، ويلبسها لباس الدين والشريعة.
لقد عبرت عن
ذلك بقولك في وصف من يتصدى للحكم بين الأمّة وليس لذلك بأهل: (إنّ أبغض الخلائق
إلى الله رجلان: رجل وكله الله إلى نفسه، فهو جائر عن قصد السّبيل، مشغوف بكلام
بدعة، ودعاء ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضالّ عن هدي من كان قبله، مضلّ لمن
اقتدى به في حياته، وبعد وفاته حمّال خطايا غيره، رهن بخطيئته.. ورجل قمش جهلا،
موضع في جهّال الأمّة، عاد في أغباش الفتنة، عم بما في عقد الهدنة، قد سمّاه أشباه
النّاس عالما وليس به، بكّر فاستكثر من جمع، ما قلّ منه خير ممّا كثر، حتّى إذا
ارتوى من ماء آجن، واكتثر من غير طائل، جلس بين النّاس قاضيا، ضامنا لتخليص ما
التبس على غيره) [2]
ثم وصفت هذا
الجاهل المحتال المخادع، الذي لبس لباس الدين ليشوهه،