وهكذا كنت في الوقت الذي أعلن فيه معاوية
حربه للإمام علي، تبث ما تعرفه منها، وما سمعته من رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، ومن الأمثلة على ذلك قولك في بعض خطبك في ذلك الوقت: (لقد ساقنا
قدر الله إلى ما قد ترون حتى كان فيما اضطرب من حبل هذه الأمّة، وانتشر من أمرها،
أن ابن آكلة الأكباد قد وجد من طغام أهل الشام أعواناً على عليّ بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وصهره، وأوّل ذكر صلّى
معه، بدري قد شهد مع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم كلّ مشاهده التي فيها الفضل،
ومعاوية مشرك كان يعبد الأصنام، والذي ملك الملك وحده، وبان به وكان أهله، لقد
قاتل عليّ بن أبي طالب مع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وهو يقول: صدق الله ورسوله، ومعاوية وأبو
سفيان يقولان: كذب الله ورسوله، فما معاوية في هذه بأبرّ ولا أتقى ولا أرشد ولا
أصوب منه في تلكم.. فعليكم بتقوى الله والجدّ والحزم
والصبر، والله إنّا لنعلم إنّكم لعلى الحق، وأن القوم لعلى الباطل، فلا يكونُنّ
أولى بالجدّ في باطلهم منكم في حقكم، أما والله إنّا لنعلم إنّ الله سيعذبهم
بأيديكم أو بأيدي غيركم) [2]وقلت في خطبة أخرى في
الكوفة بعد ما كثر خوض الناس في أمر الحكمين: (أيّها الناس إنّ للحق أهلاً أصابوه
بالتوفيق، والناس بين راضٍ به وراغبٍ عنه، وإنّما بعث عبد الله بن قيس ـ حكم أهل
العراق ـ لهدى إلى ضلالة، وبعث عمرو بن العاص ـ حكم أهل الشام ـ لضلالة إلى الهدى،
فلمّا التقيا رجع عبد الله عن هداه، وثبت عمرو على ضلالته،