نام کتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 348
إن أراد التمثيل، فلا حرج في ذلك، والمثال صحيح، لكنه إن أراد الحصر، فهو بعيد لا يساعده عليه اللفظان لا من ناحية اللغة، ولا من ناحية الشرع، وقد قال الألوسي: (وكون المودة بمعنى المحبة، كناية عن النكاح أي الجماع للزومها له ظاهر، وأما كون الرحمة كناية عن الولد للزومها له، فلا يخلو عن بعد) [617]
ومن الأقوال القريبة المحصورة أن المودة للشابة، والرحمة للعجوز، أو المودة للكبير والرحمة للصغير.
ومن أحسن ما قيل في تفسير المودة والرحمة، ما ذكره الفخر الرازي عن بعضهم قال: المحبة حالة حاجة نفسه، ورحمة حالة حاجة صاحبه إليه، وهذا لأن الإنسان يحب مثلاً ولده، فإذا رأى عدوه في شدة من جوع وألم قد يأخذ من ولده ويصلح به حال ذلك، وما ذلك لسبب المحبة وإنما هو لسبب الرحمة.
أو أن الله تعالى ذكر ههنا أمرين أحدهما: يفضي إلى الآخر، فالمودة تكون أولاً، ثم إنها تفضي إلى الرحمة، ولهذا فإن الزوجة قد تخرج عن محل الشهوة بكبر أو مرض ويبقى قيام الزوج بها رحمة بها.
والنص القرآني يحتمل مع هذه التفاسير جميعا التعبير عن الأسس التي تقوم عليها العشرة الزوجية، مع الصغيرة والكبيرة، والولود والعقيم، فالمودة لها جوانبها الخاصة في هذه العشرة والرحمة لها جوانبها كذلك الخاصة بها، فلا ينفي أحدهما الآخر.
وللأسف، فإن هذا العصر الذي ارتدت فيه البشرية على أعقابها إلى الجاهلية الأولى يجري التركيز على الحب، ويعبد كصنم من دون الله، وتعزل الرحمة كليا عن هذا الحب، فيتحول إلى ماخور للانحرافات، فيأتي النص القرآني ليبين حاجة الحب إلى الرحمة، فالحب حظ النفس،