نام کتاب : أحكام الطلاق والفسخ وآثارهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 382
2 ـ أن رسول الله a أخبر عن هذا بعد حصول اللعان، فلذلك لو أن التحري الدقيق
بالوسائل الحديثة أدت إلى التعرف على نسبة الابن قبل اللعان، صح ذلك، وكان فيه
إثبات نسب قبل اللعان.
زيادة على أن نفي الأب لابنه قد يكون لغلبة شكه، فلذلك إن أزيل هذا الشك بما
ينفيه نفيا جازما لم يستطع أن يتبرأ منه، بل قد يكون ذلك سببا لترك اللعان مطلقا،
وعودة الزوج لزوجته، أو الاكتفاء بتطليقها، وهو من المقاصد الشرعية في اللعان كما
سنرى في محله.
وقد تعرض ابن القيم لهذا التجاذب بين اللعان الذي يقتضي نفي النسب، وبين
الشبه الذي يقتضي إثباته، فقال:(فإن قيل: فالنبـيُّ a قد حكم بعدَ اللعان، ونفى
الولد بأنه إن جاء يُشبِهُ الزوجَ صاحبَ الفراش فهو له، وإن جاء يُشبه الذي رميت
به، فهو له، فما قولُكم في مثل هَذه الواقعة إذا لاعن امرأته وانتفى من ولدها، ثم
جاء الولدُ يُشبهه، هل تُلحِقُونه به بالشبه عملاً بالقافة، أو تحكمون بانقطاع
نسبه منه عملاً بموجب لعانه؟)[1]
وأجاب بما يبين حقيقة هذا التعارض، وأن كل الاعتبارات فيه ممكنة، فقال جوابا
عن الإشكال السابق:(هذا مجال ضَنكٌ، وموضع ضيق تجاذب أعِنتَه اللعانُ المقتضي
لانقطاع النسب، وانتفاء الولد وأنه يُدعى لأمه ولا يدعى لأب، والشبه الدال على
ثبوت نسبه من الزوج، وأنه ابنُه، مع شهادة النبـي a بأنها إن جاءت به على شبهه،
فالولدُ له، وأنه كذب عليها، فهذا مضيق لا يتخَلصُ منه إلا المستبصرُ البصير بأدلة
الشرع وأسراره، والخبـيرُ بجمعه وفرقهِ الذي سافرت به هِمتُه إلى مطلع الأحكام،
والمشكاة التي منها